قوة العقل الباطن ..
يُحكى أنّ رجلاً بسيط الفكر دُعي مرّة إلى منزل أحد الحكماء فقدّم له الحكيم طبق حساء، وما إن بدأ الرّجل بتناول حسائه، حتى لاحظ وجود أفعى صغيرة في طبقه ، وكي لا يُزعج مُضيفه اضطر أن يتناول الحساء كلّه
وفي اليوم التالي
شعر بألم كبير في أمعائه، مما دفعه للعودة إلى دار الحكيم علّه يُسعفه بدواء ناجع.
فلبّى الحكيم لهُ
طلبه، وأحضر له الدّواء في كوب، وما إن بدأ الرّجل بشرب الدّواء، حتّى وجد مرّة أخرى،
أفعى صغيرة في كوبه.
عندها قرّر ألا يصمت
كما المرّة السابقة، وصاح بصوت عالٍ: " إنَّ سبب مرضي بالأمس كانت تلك الأفعى
!!"..
ضحك الحكيم وأشار
إلى السّقف، حيث عُلّق قوسٌ كبير، وقال للرّجل:
" إنّك ترى في صحنك وكوبك انعكاس هذا القوس، وليس
هناك من أفعى حقيقية" ..
تأكّد الرّجل من
قول الحكيم، فما كان منه إلا أن اعتذر وغادر دون أن يشرب الدّواء فهو بالطّبع ليس بمريض.
إنّ المغزى من الحكاية
ها هنا أنّنا دائما وبكل المواقف التي نمرّ بها في حياتنا نحصل على ما نؤمن به ونعتقده
في عقلنا سواء كان سلبا أو إيجابا
أي أنّ كل أفعالنا
وتجاربنا والأحداث والظروف التي مررنا بها هي ردود أفعال عقلنا الباطن لقناعاتنا
إنّه قانون من قوانين
الحياة أن يكون اعتقادنا هو القوة الفاعلة لعقلنا الباطن وامتلاكنا لمفاتيح هذه القوة
الرائعة هو امتلاك قدرة تحويلية ترشد العقل لطريق التحرّر من قيود الخوف والإحباط.
وقد كان الإنسان
وسيبقى الجزء الأهم في أي معادلة تدعو للنمو والتطوير
فهو صاحب إرادة حرّة
برغم كل الحدود التي تحدّه وهو كائن واعٍ بذاته وبالكون قادر على تجاوز ذاته الطبيعية
وعلى استخدام عقله ..
لذا فهو يمتلك القدرة
على إعادة صياغة نفسه وبيئته حسب رؤيته
كما أنه الكائن الوحيد
الذي لا يستجيب مباشرة للمثيرات وإنما لإدراكه لهذه المثيرات وما يسقط عليها من رموز
وذكريات وتجارب و بهذا يتجلى تفرّد كل إنسان، فعالمه الداخلي هو ملك له وحده ويستطيع
التحكّم به إن أراد
كذلك الأمر في كيفية
إدراكه للعالم الخارجي عن طريق مركبات ثلاث هي حواسه الرئيسية السمع والبصر والفؤاد
(مركز الإحساس والشعور ) واللغة والمعتقدات، فالمشكلة ليست في الأطباق، وإنّما في محدودية
الفلاتر التي نستقبل منها ما يأتي إلينا من العالم الخارجي.
حقّ لنفسك عليك أن
تكتشف هذا العالم الدّاخلي من الفكر والأحاسيس والنور الروحاني والحب والجمال، رغم
أنه غير مرئي إلا أنّ قوّته جبارة
ولهذا فلتتذكر دائما
أن الشيء الذي يحقق النتيجة هو الاعتقاد الكامن في العقل فأوقف القناعات المضرّة والآراء
والمخاوف والسلبيات في حق ذاتك وحقيقتك وأشغل عقلك بمفاهيم الصّحة والانسجام والسّلام
والنيّة السليمة وابدأ صلاتك يُستجاب لها.. واستمر وواصل حتى يزول الظلام وينبثق نور
الفجر من داخلك ففي أعماق داخلك حكمة لا حدود لها وقوّة تنتظر أن تخرج من مكمنها
..
بقلم :: رنيـم شـاكر أبو الشـامات
March 5, 2015
كيف بالامكان تحويل الفكر من سلبي لايجابي دون الابتعاد عن الواقع ? شكرا للقصة الرائعة سيدة استاذة رنيم ، لي الشرف بالعودة لقراءة روائعك بعد انقطاع 13 عاما.هاشم عجان
ردحذف