الأحد، 27 مارس 2016

تحت تصنيف:,

لم الإنسـان غيــر قنــوع

Utopian Keys Utopian Mind
لم الإنسـان غيــر قنــوع؟




ليس للحياة بدون قناعة لذّة ، ولا من غير رضا قيمة  ..  وما ضاقت الدّنيا إلاّ في وجه من اتّخذ
الجّشع طبْعاً، والحرص ديدناً.. ولا عاش سعيداً إ لاّ من كان الرّضا حليفه.
فمن رضيَ بما قُسِمَ له استراح قلبه و بدنه.. ومن باع الحِرصَ بالقناعة ظَفِرَ بالغنى والثروة ولكنّه
خَسِرَ السَّـلام في نفسه.
والغنيّ من استغنى بالله.. والفقير من افتقر إلى النّاس..والحياة الطيّبة في الدّنيا هي القناعة..
أمّا التّمسك بالأمل وحده فينتهي إلى البؤس والعوز والحاجة إلى الغير.

وكما أنّ القناعة مع العمل تجعل الفقير غنياً.. كذلك الطّمع يجعل الغنيّ فقيراً 
إذاً ينبغي للإنسان أن يكون قانعاً منقطع الطّمع عن الخَلق غير متلفّت إلى ما في أيديهم..
إلاّ أنّ الإنسان فُطِر على الحرص و الطّمع وحبّ الدّنيا.. يقول الرّسول صلى الله عليه وسلّم:
" لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لتمنّى أن يكون له واديان"
ونتساءل: هل هذا بسبب عدم قناعة الإنسان بما يملكه؟ أم هو دافعٌ طبيعي لاستمراره وبقائه
في هذه الحياة؟!.
لقد قضت إرادة اللّه – سبحانه وتعالى – منذ الأزل أن يُمتحن بنو آدم على الأرض ..  
فجعل المال والبنون زينة الحياة الدنيا ووضع أيضاً القانون والتشريع ..
فتكون محك الطبيعة البشريّة ومُمتحَنها.
لذلك من استطاع أن يكبح جماح شهوته.. ويكسر حدّة طمعه.. ويجعل لعقله سلطاناً على هواه ..
كان من أولئك الّذين أكرمهم اللّه في الدّنيا والآخرة
وكان أول امتحان للبشرية عندما بدأ نظام الحياة يُستكمل على الأرض.. بتفتّح أول زهر في رياض
الإنسانية .. وأول نفحة من نفحات البشريّة.. بولادة قابيل وهابيل وتوأميهما. وشبّ الأخوة فأوصى
اللّه تعالى أن يتزوج كلّ فتى بتوأم أخيه.. لكن قابيل لم يطع أوامر اللّه تعالى وأراد لو تكون توأمته
من نصيبه دون أخيه.. وامتلأت دخيلته بالحقد فقتل أخاه وما جلب له عدم قناعته وطمعه إلا الهم والحزن والعار.
وإن نحن قلّبنا في صفحات التاريخ طالعتنا قصة يوسفالذي كان الولد الأقرب إلى أبيه..
فاشتعلت نيران حقد وغيرة أخوته منه فرموا به في البئر لينالوا وحدهم الحب والرعاية وليستأثروا
بعناية أبيهم وعلى الرغم من ذلك فإن الإنسان لا يتّعظ أبداً بما حدث في الماضي ..  
ولا يعتبر من قصص السابقين .. فنرى القصص تُعاد والأخطاء تُكرر..
وأكبر شاهدٍ على هذا بني إسرائيل الّذين حاربوا الأنبياء وقاتلوهم ولم يستجيبوا لدعوة نبيّ أبداً..
كما رفضوا الإسلام وأنكروه رغم ثبوته في كتبهم المقدّسة لا لشيء إلّا لأن الرّسالة الخاتمة لم
تكن فيهم.. وخاتم الأنبياء لم يكن من بينهم .. ومجدّداً نجد عدم القناعة والرّضا والطّمع السّبب
الأول في كلّ الجرائم التي حدثت في الماضي وإلى يومنا هذا
إذاً ليتنا نقتنع !.. وإلى الآن نتلو القصص القديمة فلا نتعظ ولا نتعلم فلا همّ للإنسان إلا المزيد
والمزيد من المال والسلطة والسطوة ..لا يقنع ولا يكتفي الأخ يقتل أخاه لأجل المال.. والصديق
يُبغض لزيمه حسداً وغيرة.. والجار يحارب جاره في رزقه.
واليوم نحن أحوج ما نكون إلى أن نمتلك الأخلاق الّتي أمرنا اللّه تعالى الاتّصاف بها وأن نعود
إنسانيين قانعين .. محبّين للغير.. وأن لا يرتضي الواحد منّا لأخيه إلا ما يرتضيه لنفسه.
ولكن هيهات، فالنّاس تتفاوت ولسان الواقع غير هذا والبشر أصناف فمنهم من أخذت الدّنيا لبـّه
فطمـع فيها وعمل لأجلها وجاوز حدود اللّـه وأوامره.. ونسي أن الإسلام نهى عن التكالب على
الدّنيا والغرق في شهواتها..
ومنهم من عمل لدنياه وآخرته، فاستمتع من الدّنيا بما رزقه اللّـه من طيّبات بالحلال ورَضِيَ بها
وقنع.. فعند غنـاهُ شكر وعند ضيقه حَمَد.. ودعا اللّه ليرزقه وعمل ما عليه ولم يتواكل .. وهذه هي
القناعة الحقـّة "المحمودة"
ومن النّـاس من زهد في هذه الدّنيا.. فلم يلقي لها بالاً فإن هي أتته لم يفرح بها.. وإن غابت عنه
لم يأسف عليها.. مُقتنعاً تماماً بأنّ متاع الحياة وزخرفها عَرَضٌ زائلٌ.. ولذّة مؤقّتة.. وشاغلاً عن
العبادة والعمل للآخرة.. فرضي من الدّنيـا بما لابدّ منه لبقائه.. وقضى جلّ وقته في سبيل اللّـه
والعمل الصالح طمعاً في محبـة اللّـه.
ولكن القناعة المحمودة والراحـة الحقيقية تكمن في الخلاص من أماني النّفس وإخراج حبّ الدّنيا
من القلب.. ويجب أن نعلم أن للقناعة والرّضا عزّ بالاستغناء وأنّ للحرص والطمع ذلّ وهوان..
ولا نعجب من زاهدٍ ترك الدّنيا وعَبَد اللّـه في صومعتـه.. ولكن نعجب من هذا الّذي صارت الدّنيا
تحت قدميه فزهد فيها ..

__________________
بقلم :: رنيـم شـاكر أبو الشـامات
December 03, 2011     

بوابة يوتوبيا

Author & Editor

مقـالات متخصصة في الفكر وتطوير وتنمية الذات بقلم رنيـم شـاكر أبو الشـامات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

Utopia Gate Directory

  • Copyright © Utopia Gate™ is a registered trademark.
    Designed by Templateism. Hosted on Blogger Platform.