الأحد، 27 مارس 2016

تحت تصنيف:,

الأنبياء يبتسمون عندما يموتون

Utopian Keys Utopian Mind
الأنبياء يبتسمون عندما يموتون
والأطفال يبكون عندما يولدون




درس العلماء قديماً بداية خلق الكون فتقدّم علماء الكون بنظرية تقول :أنّ الوجود في أوّل نشأته لم يكن أكثر من هواء يملأ الفراغ ثم وُجِد السديم 
وتعقّدت منه أبخرة وغازات معينة ثم تكاملت من ذلك العناصر الأوليّة للحياة كالكربون والهيدروجين والأكسجين ، وتلاقت من ذلك مركبات عضوية لا حصر لها ومرت على ذلك ملايين السنين وهي تتفاعل منتقلة من طور إلى طور إلى أن تكاملت أخيراً عناصر الموجودات الحيّـة وغيرها

وجاء رجال الدّين فبيّنوا أنّ الله عزّ وجلّ حينما تعلّقت إرادته بإيجاد هذا الكون بما فيه من الموجودات أنواعاً وأجناساً، اقتضت حكمته أن يختار نوعاً من هذه الموجودات
وهو الإنسان فيجعله سيد هذا الكون ويجعل سائر مظاهره وموجوداته مسخّرة له قائمة بخدمته 
وأن يكل إليه عمارته وأمر تنظيمه ، وذلك هو المعني بالخلافة..
وقد جعل الله الإنسان خليفـةً له على الأرض ، فبدأ الخليقـة بآدم " عليه السّلام " ومن ضلعه أوجد له زوجه حواء ثم تتابعت الأجيال على مرّ السنين ..
وقد جاء في محكم تنـزيله بيان لمراحل تكوين الإنسان ، فالبداية كانت خلاصة من طين، إلى نطفة في مستقرٍ حصين (الرّحم) ،  ثم آلت النطفة إلى قطعة من دم متجمد (مضغة) فخلق المضغة عظاماً وكسا العظام لحماً ، ومن ثمّ نفخ فيه الرّوح ..
فجاء إلى الدّنيا وليداً طفلاً جزعاً من ذلك العالم الجديد الذي لا يعرف عنه شيئاً ولا يرتبط به إلا من خلال والدين يمدّانـه بأسباب الحب والحياة، ويبقى هكذا طفلاً متلقياً يأخذ ولا يستطيع أن يقدّم إلى أن يشبّ ويشتدّ ساعده ويصبح قادراً على العطاء يسعى في الأرض باحثاً عن أسباب عيشه متمتعاً بقوّة الشباب ، ثمّ يشيخ تدريجياً وينتهي بالموت ، وقد يباغته الموت في أيّ مرحلةٍ من مراحل عمره وفقاً لمشيئة الله ..
هكذا هي حياة الإنسان نتابع فيها المراحل كما تتتابع الفصول على السّنة ..
وكما قلت سابقاً يُخلق الإنسان في بادئ الأمر متلقّياً وشيئاً فشيئاً تتبلور شخصيته وتتكون طبائعه
تماماً كالبناء يُبنى لبنةً لبنة، فإن كانت تنشئته صالحة كان عضواً صالحاً في المجتمع، وإن فسدت طويّته كان شقيّاً ..
وكان من حكمته عزّ وجلّ أن جعل الدّنيا على طرفي نقيضٍ ، ففيها الحياة كما فيها الموت ، فيها الغنى كما فيها الفقر ، فيها السعادة كما فيها الشّقاء ، الخير والشّر.. ويتفاوت البشر فيما بينهم في المستوى المادي ، فقد قسّم الله الأرزاق للنّاس فمنهم من وسّع له في رزقه ومنهم من قتّره عليه ..
كما يختلفون في المستوى الاجتماعي والثقافي ، ويختلفون في انتماءاتهم ومعتقداتهم ، في لغاتهم وفي صفاتهم..
وتهذيباً لطبائع النّاس ودفعاً بهم إلى الصواب، بعث الله الرسل يحملون تعاليمه يبشرون المصلح بالنعيم وينذرون المفسد بالجحيم.. جاء الرسل  فوضعوا الأمور في نصابها، إذ كان الناس يعتقدون فيما مضى أنّ لا حياة بعد الموت. فكانوا يُغرقون من متاع الدنيا بلا حدود..
لقد نبه الرسل ذاك الجمع الغافل إلى حقيقة الموت والحياة فالدنيا دار عمل وابتلاء لا تدري متى يباغتك الموت فيها فكن على حذر واعمل لآخرتك، والموت برزخ لا يعلم امتداده إلاّ الله فاجعل لك في قبرك نوراً من صلاح أعمالك من تقواك وإيمانك بأنه لا إله إلا الله وإلا فإن  الجحيم مثواك..
وكما لجأ الرسل إلى الترهيب من النار بتصوير أنواع العذاب المختلفة لجؤوا إلى الترغيب بتصوير النعيم المقيم في الجنة..
وحين جاء الإسلام خاتم الرسالات أرسى دعائم المجتمع السليم وبيّن الطريق إلى الجنة والطريق إلى النار..
وفي الشريعة الإسلامية بيان وتفصيل للحلال والحرام، ثم ترك للناس حرية الاختيار فلا إكراه في الدّين ، وعلى الرّغم من ذلك نرى الكثير من ضعاف النّفوس ردعتهم مشقّة الطريق السليم، عجزوا عن محاربة أهوائهم وشهواتهم ، واستهواهم طريق الشّر لسهولته فماتت خشية الله في قلوبهم ،  وكانوا الجانب  المظلم للحياة . ولئن عُرفت الظلمة عُرف النّور ، فإن أظلم جانب من الحياة بالشّر فقد أضاء الخير جوانب عدّة فيها ، وكان له أهله الّذين صبروا وجاهدوا أنفسهم إرضاءً لخالقهم ، وعملاً لأخرتهم..
وسبحان الله ! ما أوسع حكمته !…
لقد جعل الحياة مركبٌ عجلاته  التناقضات ، وجعل الموت صخرةٌ تتكسّر عليها أمواج الغرور والتّكبّر ، كما جعل فيه فسحةً لخلقٍ جديد ، ولك أن تتصوّر عالماً لا موت فيه ! إنّـه سينوء حتماً بأثقاله وسيمتلئ شرّاً يتنازع فيه النّاس من أجل غريزة البقاء ، أو عالماً لا شرّ فيه ! إذاً فما معنى الخير ؟ ..
وحقيقةً أن الأمور تكتسب معانيها من نقائضها ، فماذا يعني الإحسان إن لم يكن هناك غني وفقير ؟ وماذا يعني العدل إن لم يكن هناك ظلم ؟ السعادة بدون الشقاء ؟ الحبّ بدون الكره ؟..


فإن سلّمت بحكمة الله في ذلك فلا ترتضي لنفسك طريق الشّر ، فصحيح أن الشّر بأشكاله عنصر موازن إلا أن الدّنيا دار فناء ، فانظر ببصيرتك أيضاً لا ببصرك فقط ، وتفكَّر بأن الجزاء من جنس العمل وأنّ ما تزرعه اليوم تحصده غداً ..

ولا ننسى بأن الله رحيـمٌ بنا يعفو دائماً عن زلاتنا ما دمنا نطلب منه المغفرة، فالخطيئة من طباع الإنسان والرجوع عن الخطأ فضيلة ..

وأخيـراً ، كيف للرّسل ألا يستقبلون الموت بابتسامة إن أحسنوا تأدية رسالتهم التي تمثّلوها في أفعالهم وأقوالهم ؟ ..

وكيف للإنسان أن لا يبكي حين مولده وهو يستقبل عالماً غريباً لا يعرف بعد إن كان شقيّاً بشروره، أو سعيداً يعرف تماماً غاية وجوده وحياته .؟!..

__________________
بقلم :: رنيـم شـاكر أبو الشـامات
March 02, 2011

بوابة يوتوبيا

Author & Editor

مقـالات متخصصة في الفكر وتطوير وتنمية الذات بقلم رنيـم شـاكر أبو الشـامات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

Utopia Gate Directory

  • Copyright © Utopia Gate™ is a registered trademark.
    Designed by Templateism. Hosted on Blogger Platform.